لماذا التمديد لقائد الجيش؟
جو رحال
تشهد الساحة السياسية اللبنانية حاليًا نقاشات حادة حول مسألة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، نظرًا للدور المحوري الذي لعبه خلال فترة ولايته.
تولّى عون قيادة الجيش في عام 2017، وسط ظروف إقليمية ومحلية حساسة، حيث واجهت البلاد تحديات أمنية واقتصادية متزايدة. ومع اقتراب نهاية ولايته، يبرز سؤال مهم: هل ينبغي تمديد ولايته لضمان استمرارية الاستقرار في لبنان؟ يجيب هذا المقال على هذا التساؤل من خلال استعراض إنجازات العماد عون وبيان أسباب اعتبار تمديده ضرورة وطنية.
التصدي للإرهاب وتأمين الحدود منذ تسلمه قيادة الجيش، وضع العماد عون استراتيجيات صارمة لمكافحة الإرهاب، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج ملموسة. ففي عام 2017، قاد الجيش اللبناني عملية عسكرية ناجحة على الحدود مع سوريا لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. وتمكنت القوات المسلحة، بقيادة عون، من تطهير هذه المناطق وضمان أمنها، مما أدى إلى الحد من الهجمات الإرهابية ومنع تسلل الجماعات المتطرفة إلى الداخل اللبناني.
تعزيز قدرات الجيش التقنية والعسكرية اعتمد العماد عون استراتيجية لتحديث وتطوير قدرات الجيش، حيث نجح في الحصول على دعم دولي متميز، لاسيما من الولايات المتحدة وفرنسا. أدى هذا الدعم إلى تزويد الجيش بتقنيات حديثة وأسلحة متقدمة، مما رفع كفاءته في حماية الحدود وفي العمليات الداخلية. وعكست هذه الجهود حرص قيادة الجيش على تجهيز القوات بأحدث المعدات لمواجهة التحديات الأمنية المستجدة، وهو ما أكسب الجيش اللبناني تقديرًا دوليًا ودعمًا مستمرًا.
دور حاسم في الحفاظ على الاستقرار الداخلي تميزت فترة قيادة العماد عون بتبني الجيش سياسة محايدة، تهدف إلى الحفاظ على الأمن بعيدًا عن التجاذبات السياسية. وقد ظهر ذلك جليًا خلال انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، حيث تولى الجيش مهمة ضمان حق التظاهر السلمي، وفي الوقت ذاته، حماية المؤسسات العامة والخاصة من التخريب، مع الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس. أكسب هذا الموقف الجيش ثقة المواطنين ودعّم دوره كحامي للأمن الداخلي ووحدة المجتمع.
إدارة الأزمة الاقتصادية وآثارها على الجيش واجه الجيش، تحت قيادة العماد عون، تحديات كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي ضربت لبنان، والتي أثرت بشكل مباشر على التمويل المخصص للمؤسسة العسكرية. ورغم هذه التحديات، تمكن العماد عون من الحفاظ على تماسك الجيش ورفع معنويات الضباط والعناصر، حيث سعى بنجاح للحصول على مساعدات دولية لدعم المؤسسة العسكرية، ولتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية للجنود. وقد ساعدت هذه الجهود في ضمان بقاء الجيش مؤسسة قوية ومستقلة، قادرة على أداء مهامها رغم الظروف الاقتصادية العصيبة.
التعاون مع المجتمع الدولي والدعم الخارجي أقام العماد عون علاقات وثيقة مع الدول الداعمة للبنان، وأبرزها الولايات المتحدة، والتي تعتبر المزود الرئيسي للأسلحة والمعدات الحديثة للجيش اللبناني. واستطاع عون تعزيز ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسة العسكرية، مما أدى إلى استمرار الدعم المادي والعسكري الذي مكن الجيش من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. هذا التعاون الدولي يعزز من قدرة لبنان على الحفاظ على استقراره رغم التوترات الإقليمية المحيطة.
أهمية التمديد للعماد جوزيف عون استمرار الاستقرار في ظل الأزمات لبنان يمر بأصعب مراحله تاريخيًا، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولا شك أن الجيش اللبناني يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على الاستقرار العام. يعتبر تمديد ولاية العماد جوزيف عون خيارًا استراتيجيًا لضمان الاستمرارية في قيادة المؤسسة العسكرية التي تمثل ركيزة أساسية للاستقرار الوطني.
خبرة عسكرية ودراية بالوضع الميداني العماد جوزيف عون يمتلك خبرة واسعة وشاملة في المجال العسكري، وفهمًا عميقًا للتحديات الأمنية التي تواجه لبنان. تعتبر قيادته للجيش خلال السنوات الماضية نموذجًا للخبرة والحنكة، وهو ما يجعل استمرار قيادته ضرورة لضمان استمرارية النهج الذي أثبت نجاحه في حماية البلاد من الأزمات الأمنية.
تعزيز الدعم الدولي والثقة بالمؤسسة العسكرية يعد تمديد ولاية العماد عون فرصة لتعزيز التعاون الدولي مع الجيش اللبناني، حيث أسس علاقات قوية مع الدول الكبرى التي ترى في استقرار لبنان مصلحة مشتركة. يمكن أن يشكل استمرار العماد عون في موقعه فرصة لتأمين دعم إضافي يساعد الجيش على مواجهة الأزمات الحالية والمستقبلية.
إن مسألة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون ليست مسألة شخصية، بل هي قرار استراتيجي يخصّ المصلحة الوطنية العليا. لقد أثبتت قيادته للجيش أنها عامل استقرار وطمأنينة للبنانيين، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بالبلاد. يعد التمديد للعماد عون ضمانًا لاستمرار الجيش اللبناني في أداء دوره الحاسم في الحفاظ على الأمن الوطني وحماية لبنان من التحديات المتزايدة.